responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 277
[سورة الأنعام (6) : الآيات 102 الى 103]
ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)
يَقُولُ تَعَالَى: ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ أَيِ الَّذِي خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ، وَلَا وَلَدَ لَهُ وَلَا صَاحِبَةَ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ أي فَاعْبُدُوهُ وَحْدَهُ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَقِرُّوا لَهُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ، وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَأَنَّهُ لَا وَلَدَ لَهُ، وَلَا وَالِدَ وَلَا صَاحِبَةَ لَهُ، وَلَا نَظِيرَ وَلَا عَدِيلَ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ أَيْ حَفِيظٌ وَرَقِيبٌ، يُدَبِّرُ كُلَّ مَا سِوَاهُ، وَيَرْزُقُهُمْ وَيَكْلَؤُهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ.
وقوله لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ فِيهِ أَقْوَالٌ لِلْأَئِمَّةِ مِنَ السَّلَفِ [أَحَدُهَا] لَا تُدْرِكُهُ فِي الدُّنْيَا، وَإِنْ كَانَتْ تَرَاهُ فِي الْآخِرَةِ، كَمَا تَوَاتَرَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ غَيْرِ مَا طَرِيقٍ ثَابِتٍ، فِي الصِّحَاحِ وَالْمَسَانِيدِ وَالسُّنَنِ، كَمَا قَالَ مَسْرُوقٌ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا أَبْصَرَ رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ، وَفِي رِوَايَةٍ عَلَى الله، فإن الله تعالى قال: لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النجود، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، وَرَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ مَسْرُوقٍ، وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ عن عائشة من غير وجه، وخالفها ابْنُ عَبَّاسٍ، فَعَنْهُ: إِطْلَاقُ الرُّؤْيَةِ، وَعَنْهُ أَنَّهُ رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ، وَالْمَسْأَلَةُ تُذْكَرُ فِي أَوَّلِ سورة النجم إن شاء الله.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا يحيى بن معين، قال: سمعت إسماعيل ابن عُلَيَّةَ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ قال هذا في الدنيا، وذكر أبي عن هشام بن عبد اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ نَحْوَ ذَلِكَ.
وَقَالَ آخَرُونَ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ أَيْ جَمِيعُهَا وَهَذَا مُخَصَّصٌ بِمَا ثَبَتَ مِنْ رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ لَهُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ.
وَقَالَ آخَرُونَ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، بِمُقْتَضَى ما فهموه من هذه الْآيَةِ، إِنَّهُ لَا يُرَى فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ، فَخَالَفُوا أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي ذَلِكَ، مَعَ مَا ارْتَكَبُوهُ مِنَ الْجَهْلِ، بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ. أَمَّا الْكِتَابُ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ وَقَالَ تَعَالَى عَنِ الْكَافِرِينَ: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ: فَدَلَّ هَذَا، عَلَى أَنَّ المؤمنين لا يحجبون عنه تبارك وتعالى.
أما السُّنَّةُ، فَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وأبي هريرة، وأنس، وجريج، وَصُهَيْبٍ، وَبِلَالٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ اللَّهَ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، فِي الْعَرَصَاتِ وَفِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ، جَعَلَنَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُمْ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ آمِينَ.
وَقِيلَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ أَيِ الْعُقُولُ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ الْفَلَّاسِ، عن ابن مهدي، عن أبي حصين يَحْيَى بْنِ الْحُصَيْنِ، قَارِئِ أَهْلِ مَكَّةَ،

نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 277
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست